المحاضرة العاشرة التحضير والإنتقال لمسرح الجريمة حسب قوانين دولة الامارات – معاينة مسرح الجريمة

كيفية التعامل مع مسرح الجريمة؟

المحاضرة العاشرة

التحضير والإنتقال لمسرح الجريمة

إن سرعة الوصول إلى مسرح الجريمة توفر على المحقق كثيراً من الجهد في البحث عن الأشخاص والأشياء ومما يوفر الزمن التحضير السليم الذي يسبق عملية الإنتقال إلى مسرح الجريمة ، ويتحقق التحضير السليم بما يلي:

1- تسجيل البيانات الكاملة عن مسرح الجريمة وحجمها .

2- وضع خطة التحرك إلى مسرح الجريمة وفقا لظروف الحدث الجنائي .

3- تحديد أعضاء الفريق المتحرك إلى مسرح الجريمة .

4- إبلاغ أعضاء فريق الإنتقال .

5- إعداد المعدات ووسائل النقل اللازمة .

6- تحديد الخبراء المطلوب انتقالهم إلى مسرح الجريمة .

7- جدولة إنتقال أعضاء فريق العمل في مسرح الجريمة وتحديد الأولويات وفقا لظروف الجريمة .

8- الإتصال بنقاط الأمن والدوريات القريبة من مسرح الجريمة للاستعانة بهم في مهام محددة تحديداً دقيقا .

9- إتخاذ الإجراءات الأولية للمحافظة  على مسرح الجريمة .

10- تحديد زمن الإنتقال إلى مسرح الجريمة .

وتوجب التشريعات الجزائية الإنتقال إلى مسرح الجريمة كإجراء من الإجراءات المبدئية التي يقوم بها المحقق في جميع الجرائم الهامة أو تلك المصنفة بأنها جرائم يجوز فيها لرجال الشرطة إلقاء القبض بدون أمر قضائي .

ومن بين التشريعات العربية التي تنص صراحة على وجوب الإنتقال لمسرح الجريمة المادة (39) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي والمادة (40) من قانون الإجراءات الجنائية الكويتي والمادة (112) من قانون الإجراءات الجنائية السوداني والمادتين (24 و31) من قانون الإجراءات الجنائية المصري .

وللإنتقال إلى مسرح الجريمة فوائد عديدة منها التمكن من السيطرة على الجريمة ومساعدة المتضررين منها وتأمين المنطقة ضد الفوضى والاضطرابات واثبات وقوع الجريمة والتأكد من حجمها وإبعادها والعثور على الآثار الجرمية .

ولا يمكن الحصول على هذه الفوائد من مسرح الجريمة ما لم تتم خطوات الإنتقال وفق أسس وقواعد علمية تبدأ بالتعرف على مسرح الجريمة والتحضير للانتقال والعمل فيه بعد تأمين حدوده وسلامة محتوياته . لذا سوف نبحث في فرعين مستقلين الأول لبيان ماهية مسرح الجريمة والثاني لبحث إجراءات الكشف على محل الحادث وعمل كشف الدلالة وذلك على النحو الآتي:

 

 

أولا: ماهية مسرح الجريمة

للوقوف على ماهية مسرح الجريمة لابد من بيان معناه وأهميته وتحديد نطاقه وكيفية المحافظة عليه وذلك ما سوف نبينه تباعا:

أ- معنى مسرح الجريمة

مسرح الجريمة اصطلاح أستُخدم في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والهند وبعض الدول التي تأثرت بنظم القانون الإنكليزي ، ويقصد بهذا الاصطلاح النطاق المكاني للجريمة وأحداثها ، التي اكتشفت فيها الجريمة بالعثور على جسم الجريمة أو أجزاء من جسم الجريمة .

وعليه يعرف مسرح الجريمة بأنه المكان الذي تنبثق منه الأدلة كافة والذي يعطي الخيط الأول للقائم بالتحقيق في البحث عن الجاني ليكشف النقاب عن الأدلة المؤيدة للاتهام ، او هو المكان الذي طرقه الجاني او مارس فيه الخطوات التنفيذية لارتكاب جريمته .

وقد يمتد مسرح الجريمة إلى أكثر من مكان وفقاً للجريمة وعناصرها والمراحل التي مرت بها منذ البدء في التخطيط لها والإعداد والتجهيز والتنفيذ ومرحلة التصرف في عائدات الجريمة وإخفاء معالمها ويختلف مسرح الجريمة في شكله العام من جريمة لأخرى ، ولكل جريمة أركانها وعناصرها وأدوات تنفيذها الخاصة ، فجريمة القتل التقليدية قد تقع إثر نزاع أو مشاجرة مفاجئة بين شخصين في أي زمان ومكان تاركة مسرحا للجريمة واضحا ومحدود المعالم سواء كان ذلك داخل غرفة او منزل او في المزرعة او على الطريق العام .

بينما نجد جرائم أخرى يتم التخطيط والأعداد لها والتآمر مع الآخرين لتنفيذها ومن ثم الإنتقال بجسم الجريمة إلى مواقع أخرى للتخلص منها ، وفي المنازعات العشائرية والقبائل المسلحة التي تقع في أراضي ذات مساحات واسعة تترك خلفها الضحايا جثثا ومصابين وأسلحة وحرائق يجد المحقق أمامه في مثل هذه الحالة مسرح جريمة من نوع خاص يصعب السيطرة عليه والعمل فيه ، ومع التطور التقني للجريمة والجناة تظهر الأن جرائم علمية تستخدم فيها تقنيات الاتصالات الحديثة خصوصا في مجال جرائم الحاسوب وجرائم الاتجار غير المشروع في المخدرات وغسيل الأموال والتهرب من الضرائب والرشوة والتجارة غير المشروعة في الأسلحة .

وعلى الرغم من خطورة مثل هذه الظواهر الإجرامية المستحدثة يقف القائمون بالتحقيق فيها حائرين لعدم وجود مسرح للجريمة واضح المعالم والحدود ينطلقون منه في اكتشاف مثل تلك الجرائم وضبط الجناة فيها ، ولكل جريمة ترتكب عناصر أساسية تشكل أركانها وعوامل تنفيذها ، ومن تلك العناصر الجاني والمجني عليه وجسم الجريمة والأداة المستخدمة في التنفيذ والوسائل المستخدمة في الإنتقال من وإلى مسرح الجريمة .

ب- أهمية مسرح الجريمة

تتجسد أهمية مسرح الجريمة في كونه مكاناً جغرافياً مثلت فيه عناصر الجريمة وأدوارها كاملة وكانت تلك العناصر هي آخر من وقفت على تلك البقعة ، ومن ثم تنبع أهميته من كل أثر مادي موجود في مكان الحادث ، ويمكننا حصر أهمية مسرح الجريمة بالنسبة للتحقيق والعدالة الجنائية في ثلاثة محاور وهي كالآتي:

1- السيطرة على الحدث الجنائي

يضم مسرح الجريمة قبل ارتكاب الجريمة مباشرة وأثناء ارتكابها وبعد ارتكابها مباشرة عناصر الجريمة على وجه الخصوص الجاني والمجني عليه أو الهدف الذي رمى إليه الجاني، فالمسرح بهذه الصفة مكان يسمح بمنع الجريمة قبل ارتكابها وهو أيضا مكان يسمح بالسيطرة على الجريمة وإيقافها والحيلولة دون امتدادها لمناطق او أهداف أخرى .

2- مساعدة ضحايا الجريمة

أن ضحايا الجريمة أو المجني عليهم من العناصر المهمة في مسرح الجريمة قبل او أثناء او بعد تنفيذ النشاط الإجرامي ، ويعد مسرح الجريمة المكان المناسب الذي يمكن من خلاله خدمة ضحايا الجريمة وذلك عن طريق:

إدخال الطمأنينة في نفوسهم بعد الخوف الذي أصابهم من جراء الحدث .

حمايتهم من التعرض لجرائم أخرى أو أضرار إضافية .

إسعاف المصابين منهم وإنقاذهم من المخاطر .

حماية حقوقهم الشخصية وأسرهم وممتلكاتهم وأعراضهم .

إبعاد المتطفلين وغير المرغوب فيهم عن مسرح الجريمة .

3- الإثبات الجنائي وتحقيق العدالة

يعد مسرح الجريمة مستودع أسرارها ومفتاح الحقائق ومحفظة الأدلة الجنائية التي تقود إلى العدالة الجنائية وذلك للأسباب التالية:

– يثبت مسرح الجريمة حقيقة وقوع الجريمة (جسم الجريمة) .

يوضح الطريقة التي أرتكبت بها الجريمة .

يوضح الأسباب التي أدت إلى الجريمة .

يوفر الآثار التي خلفها الجناة .

توجد فيه الأدوات المستخدمة في الجريمة .

ولأجل ذلك ينبغي المحافظة على مسرح الجريمة ويتحقق ذلك بإتباع الخطوات الآتي:

أ. وضع حراسة على مسرح الجريمة في الدوائر الخارجية .

ب. استمرار قفل الطرق والمداخل .

ج. تأمين الأبواب والنوافذ بالخيوط أو الشرائط الحمراء ووضع العلامات الضوئية العاكسة واللمبات الحمراء .

د. تغطية بعض الآثار المعرضة للتلف بأغطية مناسبة .

ه- وضع مراقبة سرية للمتابعة .

ج- تحديد نطاق مسرح الجريمة

لم تنص التشريعات العربية على تعريف لمسرح الجريمة أو تحديد نطاقه من حيث المكان والزمان ، كما أن مسرح الجريمة يغطي أمكنة ممتدة إلى الحدود تتعدى أحياناً المساكن إلى القرى والمدن والمناطق وربما تعبر الدول والقارات في بعض أنواع الجرائم المعاصرة

ولتحديد نطاق مسرح الجريمة أهمية كبيرة في إثبات الجريمة وتحديد الاختصاص والتعرف على وسائل وأساليب تنفيذ الجريمة ، لذا أصبح من الضروري البحث عن ضوابط ترسم لنا نطاق مسرح الجريمة من حيث المكان والزمان ، فقد أدى غياب النصوص التشريعية التي تعالج مسرح الجريمة إلى اختلاف فقهاء القانون الذين انقسموا إلى فئتين:

الفئة الأولى: تنادي بتضييق نطاقي مسرح الجريمة وحجتهم في ذلك أن الجريمة التقليدية العادية يرتكبها أفراد في نطاق محدود ، وفي الغالب دون تخطيط وتدبير ومن ثم  فأن النطاق المكاني لمثل هذه الجريمة لا يتعدى حدود الجاني الفرد الذي يقبض متلبسا أو يبقى في مكانه مختبئا أو مستسلما ، كما أن الذين ينادون بتضييق نطاق مسرح الجريمة يرون النطاق الزماني هو بعد وقوع الحدث الإجرامي ولا يسبق الجريمة حتى ولو كانت مسبوقة بالمراقبة الأمنية والمعلومات الجنائية .

الفئة الثانية: تنادي بالتوسع في نطاقي مسرح الجريمة وحجتهم في ذلك إن تحديد النطاق المكاني لمسرح الجريمة يتوقف على نوع الجريمة وعدد الجناة والخطة التي وضعت لتنفيذ الجريمة وأسلوب ارتكاب الجريمة والأدوات المستخدمة في تنفيذ الجريمة فمثلا من يقف في آخر الطريق مراقبا قبل يوم ارتكاب الجريمة لرصد تحركات سكان المنزل المراد سرقته أو لتعطيل حركة من يتجه نحو مكان السرقة سواء أكان من المواطنين أم رجال الأمن يؤدي دوراً في مسرح الجريمة، ولا تكتمل او تكلل الجريمة بالنجاح دون إعطاء دور للمراقب الذي يقف على مسافة بعيدة من المنزل المراد سرقته وعليه ، أما تحديد النطاق الزماني لمسرح الجريمة فأنه يتوقف على المعلومات المتوفرة عن الجريمة قبل ارتكابها وقدرة الأجهزة الأمنية على الرصد والمتابعة وحجم الجريمة ومدى انتشارها وفيما إذا كانت جريمة مستمرة أو موقوتة وسرعة الإنتقال إلى مسرح الجريمة وقدرة المحقق على قراءة مسرح الجريمة .

ولأهمية مسرح الجريمة وخصوصية علاقته بالجريمة والجاني والمجنى عليه ودوره في كشف الحقائق وتحقيق العدالة الجنائية أولت أجهزة التحقيق الجنائي اهتماماً بالغاً بمسرح الجريمة ونصت القوانين على ضرورة معاينة وتفتيش مسرح الجريمة في أولى مراحل الإجراءات الجنائية المتخذة في كل جريمة، حتى أصبح لمسرح الجريمة خبراء وضباط متخصصون ، كما أنشأت بعض الدول وحدات أمنية متخصصة للعمل في مسرح الجريمة .

المصدر:

 

University of Mustansiriya                                                                                         

 Faculty of law                                                                                                   

  General Department                                                                                                                  

2015 – 2017                                                                

 الكاتب :

Nasser Assistant Professor Dr.mazin khalaf

 

عن Younestc

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.