مسودة عرض حول موضوع : رسم السكن ورسم الخدمات الجماعية
وحدة : جباية العقار والمؤسسات الائتمانية
يعتبر العقار من الثروات الرئيسية التي شكلت وعاء للجبايات منذ القدم، كما يعد من أهم مقومات الاستثمار بحيث يشكل لبنة أساسية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. فالعقار مجال لاحتضان وممارسة مختلف الأنشطة الإنسانية سواء بشكل رئيسي أو ثانوي الأمر الذي يبرر خضوعه
للتضريب منذ العصور القديمة.
ولقد عمل المغرب بدوره على إخضاع العقار لمجموعة من الجبايات على المستوى الوطني من قبيل الضريبة على الأرباح العقارية، وسعيا منه إلى دعم الموارد المالية للجماعات الترابية وتقليص العجز الذي تعرفه ميزانياتها، عمل على خلق مجموعة من الرسوم المرتبطة بالعقارات كرسم السكن، ورسم الخدمات الجماعية، والرسم المفروض على الأراضي غير المبنية، والرسم على
عمليات البناء، والرسم على عمليات تجزئة الأراضي وغيرها.
وهنا ينبغي التمييز بين الضريبة والرسم، فالضريبة مبلغ من المال تجبيه الدولة كرها عن طريق أحد أشخاصها العامة بموجب قواعد قانونية مقررة بصفة نهائية دون مقابل ولغرض أساسي هو تغطية النفقات العامة1. في حين يعتبر الرسم المبلغ الذي يدفعه الملزم نظير خدمة معينة تعود عليه
بنفع خاص ينطوي في نفس الوقت على نفع عام.
وقد شهدت الرسوم العقارية المحلية بالمغرب قفزة نوعية على المستوى التشريعي، ولا أدل على
ذلك من رسمي السكن والخدمات الجماعية اللذين عرف مسارهما التشريعي تطورا ملحوظا، إذ عرف رسم السكن سابقا باسم الضريبة الحضرية التي يرجع تاريخها إلى اتفاقية مؤتمر الجزيرة الخضراء، ليصدر الظهير الشريف المؤرخ في 24 يوليوز 1918 الذي يعد أول تنظيم قانوني لهذه الضريبة، ثم أعيد تنظيمها عدة مرات وخاصة سنة 1959، وأدخل عليه القانون المالي لسنة 1978
تغييرات مهمة سرعان ما سيتم العدول عنها لاحقا.
ثم سيتم إعادة النظر في التنظيم الفني والشكلي لهذه الضريبة في ثلاث محطات أساسية، وذلك بواسطة كل من القانون رقم 230.89 المؤرخ في 21 نونبر1989 والذي حدد نطاق التطبيق ومسألة التصفية والاحتساب بالنسبة لهذه الأخيرة، حيث اعتبرت هذه الضريبة من الضرائب المحولة من
1 كمال مرصالي، القانون الضريبي المغربي، مطبعة ريف، الطبعة السادسة 2016، ص:10. 2 ظهير شريف رقم 1.89.187 صادر في 21 من ربيع الآخر 21/1410 نوفمبر 1989، بتنفيذ القانون رقم 30.89 يحدد بموجبه نظام للضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها، ج.ر عدد 4023 بتاريخ 1989/12/06، ص:157 .
4
رسم السكن ورسم الخدمات الجماعـية
طرف الدولة لفائدة الجماعات المحلية بمقتضى قانون الإطار للإصلاح الضريبي لسنة 31984. وجاء بعد ذلك القانون رقم 437.89 المتعلق بالضريبة الحضرية، والذي خصص فصوله لهذه الضريبة لكيفية الفرض والتقدير والمراجعة والتحصيل والتصفية. ثم أعيد النظر في الضريبة الحضرية بواسطة القانون رقم 547.06 المتعلق بتنظيم الجبايات المحلية، حيث تم تبني مصطلح
رسم السكن بدل مصطلح الضريبة الحضرية منظما إياها في المواد من 19 إلى 32.
وبموازاة التطور التشريعي الذي عرفه رسم السكن، نجد أن رسم الخدمات الجماعية عرف بدوره مجموعة من الإصلاحات والتعديلات باعتباره من أول الجبايات التي عرفها المغرب الحديث انطلاقا من فرضه بمقتضى ظهير 23 مارس 1917، وما تلاه من التعديلات لتأخذ اسم ضريبة النظام في ظهير 23 مارس 1962، ورسم النظافة في القانون 30.89 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية6. ليحل اسم الخدمات الجماعية التي تتضمنها المدونة الجديدة للجبايات المحلية بموجب قانون 47.06
الذي نظمها في الباب الرابع من المواد 33 إلى 38.
ويكتسي موضوع رسمي السكن والخدمات الجماعية أهمية بالغة في المنظومة الجبائية المغربية، من الناحية النظرية وأيضا العملية، ويعزى ذلك إلى أهمية العقار باعتباره الرصيد الذي يتم تعبئته في مجال السكن مما يجعله مجالا خصبا يخضع للتضريب من جهة، وكذا العلاقة التي تجمع
الملزمين بالإدارة الضريبية من جهة ثانية.
ولقد واجهتنا في إنجاز هذا العرض عدة صعوبات، لعل أهمها قلة الكتابات الفقهية فيه، والتي من شأنها أن تسهل على القارئ استيعاب المفاهيم الدقيقة، وعلى الباحث تعزيز لغة التواصل مع ما كتب من أبحاث حول هذا الموضوع، مما حتم علينا تعزيز هذا العرض ببحث ميداني بغية الحصول على معطيات محينة نغني بها بحثنا، غير أننا ووجهنا بعقبة أخرى تتمثل في صعوبة التواصل مع الجهات الوصية، حيث تحيلنا كل جهة على أخرى باعتبارها المسؤولة عن تدبير الرسمين المذكورين، ليبقى أمامنا النص التشريعي المنظم لهما المرجع الأساس أثناء تناولنا للموضوع، مع الاستعانة ببعض
الكتابات الفقهية المتاحة، وبعض المعطيات المحصل عليها من خلال بحثنا الميداني.
3 الظهير الشريف رقم 1.24.83 ، الصادر في 21 رجب 1404هـ/23 أبريل 1984م، يتضمن الأمر بتنفيذ القانون رقم 83.3 المتعلق بوضع الإصلاح الضريبي ، ج. ر عدد 3731 بتاريخ 2 ماي 1984.
4 الظهير الشريف رقم 1.89.228 الصادر في فاتح جمادى الآخر 30/1410 ديسمبر 1989 بتنفيذ القانون رقم 37.89 المتعلق بالضريبة الحضرية، ج.ر عدد 4027 بتاريخ 03 /1990/01، ص: 33.
5 ظهير شريف رقم 01.07.195. صادر في 19 من ذي القعدة 1428هـ/ 30 نوفمبر 2007 بتنفيذ قانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية،ج.ر عدد 5583، بتاريخ 31 ديسمبر 2007.
6 جواد ولد الحاج، الجباية العقارية بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون والعلوم الإدارية للتنمية، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، السنة الجامعية 2009-2010، ص : 51.
5
رسم السكن ورسم الخدمات الجماعـية
وإذا كان القانون 47.06 هو الإطار القانوني لرسمي السكن والخدمات الجماعية، والذي ينظم أيضا رسوما محلية أخرى ذات طبيعة عقارية، إلا أننا سنقتصر في دراستنا على رسمي السكن والخدمات الجماعية وذلك نزولا عند مقتضيات البحث العلمي وتقيدا بموضوع العرض.
وتأسيسا على ما سبق، تثور أمامنا الإشكالية التالية : ما هي الوضعية القانونية والواقعية لرسمي السكن والخدمات الجماعية ؟ للإجابة عن هذه الإشكالية والإحاطة بجوانب الموضوع، سنعتمد المنهج الوصفي والتحليلي،
وذلك وفق التصميم التالي:
المبحث الأول: الإطار العام. المبحث الثاني: واقع رسمي السكن والخدمات الجماعية.
تحميل عرض رسم السكن ورسم الخدمات الجماعية pdf